تحقيق إستقصائي حول الكارثة الإنسانية في درنة الليبية
إعصار دانيال (ليس المسؤول الوحيد!)
لم يكن صباح يوم العاشر من سبتمبر – 2023 كمثله من أقرانه، حيث فتح الليبيون أعينهم على كارثة حلت على مدينة درنة في أقصى شرق البلاد، عندما غمرت مياه الأمطار التي جاءت من الوادي المطل على المدينة، ويمر من قلبها الذي كان ينبض بالحياة، ليجرف معه مباني وأفراد وحجر وشجر، ويسحق في دقائق قرابة 20000 ألف روح حتى كتابة هذه الكلمات، كما جاء في الموقع الرسمي للأمم المتحدة مكتب جينيف و ذلك لان السلطات في ليبيا لم تقدم إحصائيات دقيقة لإعداد الضحايا ويهدم 891 من أصل 1500 مبنى متضرر، لتغمر المياه مساحة تقدر 6 كيلومترات مربع - من المدينة وتلقي بكل ما ذكرنا في البحر.
ظل الجميع في حالة صدمة، كيف حدث ذلك، ما هي تلك المياه وما حجمها لتقتلع عمارة سكنية من 12 الدور بالكامل، وتجرفها للبحر (عمارة الضمان) وتجرف أيضا ثلاثة جسور تربط شرق المدينة بغربها، أحد هذه الجسور يرتفع عن قاع الوادي حوالي 48 متراً، وكيف انهار السدان اللذان يحميان المدينة بهذه الطريقة، بمعنى لماذا لم ينجرف بشكل جزئي.
نعي جيدا أنه من المبكر الانطلاق في تحقيق استقصائي يوضح ما حدث، ويبحث عن تحديد المسؤول عن هذه الكارثة الإنسانية، إلا أن سوابقنا وتجاربنا مع السلطات السياسية التي قدر الله أن تحكم هذه الأرض تجعلنا، أن لا نفوت أي تفصيل من تفاصيل البدايات التي قد تختفي مع الأيام، وأن مأساتنا في درنة لا ينسينا حق الضحايا علينا، حقهم في معرفة من المسؤول، وعدم تحميل أرواحهم للقضاء والقدر، رغم تسليمنا به،) إلا أننا نؤمن أن هناك أسباباً بشرية جعلت الكارثة بهذا الحجم، ودورنا أن نحددها، قبل أن يلفها النسيان، بين احتكاك غبار أدرج المكاتب الفخمة وصفقات (إعادة إعمار درنة) المرتقب.
عاصفة (دانيال) حسب الوصف العلمي لها، ظهرت كمنطقة ضغط جوي منخفض فوق البحر الأيوني، حيث ساهمت حرارته في إنتاج الرطوبة اللازمة لتكوين العاصفة. في 4 سبتمبر، بعد ذلك انتقلت العاصفة باتجاه اليابسة فوق شبه الجزيرة البلقانية؛ مما أدى إلى هطول أمطار غزيرة على المنطقة.
سُميت العاصفة باسم "دانيال" في اليوم التالي من قبل الخدمة الوطنية الأرصاد الجوية اليونانية. بعد ذلك، تحركت العاصفة باتجاه الشمال الشرقي. في 8 سبتمبر، حيث اكتسبت العاصفة خصائص استوائية فرعية، وانتقلت إلى الجنوب الشرقي قبل أن تتحول إلى إعصار استوائي.
في اليوم التالي. دخلت العاصفة اليابسة في الجبل الأخضر في ليبيا كعاصفة استوائية في 10 سبتمبر، ثم استمرت في التحرك باتجاه الداخل قبل أن تتحول إلى منخفض بسبب الهواء الجاف. (هذا النص لموقع ويكيبيديا )
وما هو معروف بالضرورة، فإن جغرافية الجبل الأخضر في ليبيا تتكون من حوالي 95 وادياً من المنطقة الممتدة من مدينة المرج وصولاً إلى درنة، ومن هذه الوديان هناك 15 وادياً ينتهون في سدي درنة باعتبارهما المصب النهائي، وكان متوقعاً جداً أن هذه العاصفة المحملة بالأمطار كما جاء في وصف حالتها أنها ستؤدي إلى امتلاء السد بكميات كبيرة من المياه، والتي قد تفوق قدرته على التحمل، والمجرى العادي للأمور يقول أن انهياره هو وارد جداً.
ولنكن دقيقين استقينا تفاصيل بناء السد وما مر به من ظروف خلال السنوات الماضية من الإحاطة التي قدمها النائب العام الليبي (الصديق الصور) أمام الصحفيين بعد وصوله لمدينة بنغازي، والذي أعلن من خلاله على تشكيل لجنة تحقيق حول ما حدث في درنة، حيث ذكر أن السد الأول تم بناؤه من قبل شركة يوغوسلافية في سبعينيات القرن الماضي، هذا السد هو سد بومنصور بسعة 22.5 مليون متر مكعب والواقع على بعد 13 كيلومترا من المدينة، كما رُصد عام 1998 أولى التشققات في السد، وكلفت وقتئذ السلطات الليبية شركة استشارية إيطالية لتقييم الأضرار التي لحقت بالسدين (سد بومنصور وسد البلاد)، وأكدت الشركة حينها وجود تشققات، وأوصت حتى ببناء سد ثالث لحماية المدينة، حسب إفادة النائب العام الليبي الصديق الصور في إحاطته، كما أكد النائب العام أنه في سنة 2010 بدأت شركة تركية إجراءات ترميم السد، وتوقفت عملية ترميم مع انتفاضة الليبيين في فبراير 2011
من المسؤول عن إخلاء المواطنين في درنة -
بعد انتهاء اليوم الأول من الفاجعة وحتى بداية كتابة هذا التحقيق قمنا بتجميع أكثر من 35 شهادة مصورة وصوتية لمواطنين نجو من الفيضان المدمر، وقد كان أغلبهم يتحدث على أن التنبيهات التي جاءت من قبل السلطات المحلية كانت متعلقة باحتمالية دخول مياه البحر لمجرى الودي وسط المدينة، وكانت التوجيهات بإخلاء المنطقة القريبة من نهاية الوادي والمقابلة للبحر، وباقي الأحياء تلقوا تعليمات بالبقاء في منازلهم وعدم مغادرتها.
وبتاريخ 10- 9 -2023 نشر المجلس التسييري لبلدية درنة مقطع فيديو لرئيس اللجنة التسييرية ومدير أمن مديرية درنة والمحامي العام، (من الواضح أنه قد صدر يوم 9 / 9 / 2023،) يعلن من خلاله تشكيل لجنة طوارئ داخل المدينة، ويحيل كل الصلاحيات المعنية بهذه اللجنة لمدير مديرية أمن درنة (اللواء امبارك البرعصي) في اتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لمواجهة المنخفض الجوي (حسب وصفه) كما ذكر أن هذه الخطوة (ويعني تشكيل لجنة طوارئ) جاءت بعد استشارة المتخصصين والمستشارين المعنيين بهذا الأمر، وذكر رئيس اللجنة التسييرية في البلدية أن هناك مناطق داخل نطاق بلدية درنة يجب إخلاؤها من مواطنيها وهي (حي البلاد – الجبيلة – حي السيدة خديجة – وادي الناقة)
هذه المناطق التي جاء ذكرها في الفيديو المذكور طالها الفيضان بالكامل وشبه دمرت نهائيا وهنا نعطي لأنفسنا الحق في السؤال، لماذا لم يتم إخلاء المواطنين من هذه المناطق؟ التي كان واضحاً أنها قد تتعرض للسيول، خاصة وأن كل هذه المعلومات كانت لدى الجهات المحلية المعنية بالأمر، ومن التسجيل المصور الذي تحدثنا عنه سلفا، أصبح مدير مديرية أمن درنة هو المخول باتخاذ هذه الإجراءات، وقد حدثت عمليات إخلاء في بنغازي لبعض المناطق تحسباً لعاصفة ( دانيال )
فلماذا لم يحدث الأمر نفسه في درنة؟ رغم أن وضعها أخطر في ظل المعطيات الموجودة من تهالك السد، وكونها مصباً للعديد من الوديان في الجبل الأخضر.
حاول مراسلنا في درنة التواصل مع الجهات المكونة لغرفة الطوارئ، لكن تعذر الوصول إليهم، وقد سارعت الحكومة الليبية في شرق البلاد بقيادة (أسامة حماد) إلى إقالة رئيس اللجنة التسييرية في بلدية درنة وإحالته إلى التحقيق، وتكليف نائبه لتسيير أمور البلدية، ليتم بعدها حل المجلس التسييري بالكامل.
في الوقت ذاته هناك قوة عسكرية في مدينة درنة تحت مسمى (الكتيبة 166) التابعة لرئاسة الوحدات العسكرية بقيادة العميد (صدام خليفة حفتر) والتي حسب المعلومات التي أفادنا بها مراسلنا في درنة خسرت قرابة 100 عسكري في الفيضان الذي اجتاح درنة، وقد كانت الكتائب والألوية العسكرية في شرق البلاد والتابعة للجهة نفسها بإجراءات إخلاء في المناطق التي من المحتمل أن يمر عليها الإعصار.
حيث قامت الفرقة 20/20 التابعة للواء 106 بإخلاء مناطق في مدينة بنغازي خاصة المطلة على البحر، ومنها المناطق التي يقطنها نازحو مدينة تاورغاء في المدينة، في الوقت ذاته قامت قوات تتبع اللواء نفسه بإخلاء بعض المنازل في مدينة البيضاء الجبلية، خاصة التي تطل على الوديان، وتلك التي تم بناؤها داخل بعض الوديان الجافة، والتي لم تتحرك فيها المياه من سنوات طويلة تحسبا للإعصار الذي سيضرب المنطقة.
وحسب المعلومات التي مدنا بها مراسلنا في شرق البلاد نقلاً عن مواطنين في مدينة بنغازي والبيضاء أن القوة العسكرية التي قامت بالإخلاء فرضت على بعض المواطنين الذين لم يوافقوا على ترك منازلهم باتخاذ إجراءات جبرية ضدهم بالإخلاء، ومن لم يجد مسكنا يؤوي إليه وفرت لهم الجهة العسكرية بعض الفنادق والمدارس إلى حين زوال آثار العاصفة المدمرة.
إن الغريب، والذي لاحظناه في أثناء تحقيقنا أن هذا الإجراءات لم تتخذ في درنة، حيث اكتفت القوة العسكرية التي ذكرناها مسبقا والموجودة في المدينة إلى استخدام مكبرات الصوت تطلب من خلالها إخلاء بعض الأحياء في المدينة، وظهر ذلك في مقطع مرئي (فيديو) قصير جدا يوضح هذه المناشدات (في حي السيدة خديجة)، حيث لم نرصد خلال تحقيقنا أي شهادة لأي مواطن في درنة ذكر أن هناك إجراءات قد اتخذت مشابهة لما تم القيام به في المدن الأخرى في شرق البلاد، خاصة وأن درنة تعرف بأزمة سدها، وأن المعلومات التي وردت حول العاصفة وقوتها بينة أنها ستكون محملة بأمطار غزيرة، الأمر الذي يرجح فيه جريان أغلب الوديان في منطقة الجبل الأخضر، الوضع الذي يؤدي حتما إلى وصول هذه المياه إلى مصبها النهائي (وادي درنة) بالتالي يبقى السؤال موجوداً وبقوة، لماذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لإخلاء المواطنين القاطنين في المناطق القريبة من وادي درنة؟؟؟
أموال خصصت لصيانة السد المغدور، أين ذهبت؟
أهالي درنة والجبل الأخضر بشكل عام يعرفون جيدا ماذا يعني فيضان وادي درنة، فقد تعرضت المدينة خلال المئة عام الماضية إلى حوالي ستة فيضانات خلال الأعوام (1941 – 1955 – 1968 – 1982 – 1986 – 2011) كان آخر ثلاث منها بعد بناء السدين المنهارين في الفيضان الأخير، وقد وضحنا في هذه المحاولة كيف تم اكتشاف الإشكاليات البنيوية في سد (سيدي منصور) من سنوات، وسنحاول في هذه الجزئية أن نتلمس أين كان الخلل في تأخر إعادة ترميم وإصلاح سدي درنة.
حيث في أثناء بحثنا عن الموضوع توصلنا لتحقيق صحفي نٌشر على موقع (العربي الجديد) بتاريخ 16 / يوليو / 2018 يبحث التحقيق في الحالة العشوائية التي بنيت بها السدود في ليبيا، وأنا هنا أنقل بالنص ما جاء بخصوص سدي درنة (صممت السدود في ليبيا بطريقة عشوائية، ولا سيما بالمنطقة الشرقية، بحسب ما شرحه أستاذ الجيولوجيا بجامعة عمر المختار مهند الشلوي لـ"العربي الجديد"، والذي قال إن الفوالق والشقوق في الأرض التي تقام عليها السدود، نتج عنها تسرب للمياه المحتجزة، كما حدث في سد مدينة درنة الواقعة شمال شرق ليبيا، والذي تمت إقامته في العام 1986 على أرض بواطنها كهوف وفجوات، علما أن المنطقة غير مؤهلة لإقامة سد مائي لانجرافات التربة، مما تسبب في تسرب المياه المستمر منذ إنشاء السد حتى الآن، متسائلاً في الوقت ذاته "أين الدراسات الجيولوجية لطبقات الأرض في المنطقة وكذلك الدراسات الطبوغرافية والجيوتكتونية لخواص الصخور؟ ّ!، النتيجة واضحة حاليا"، غير أن مدير الإدارة العامة للسدود بالهيئة العامة للمياه المهندس عمر المغربي يقول لـ"العربي الجديد" إن التسرب لا يتعدى 5 كيلومترات، والمياه المتسربة من السد تذهب إلى مخزون المياه الجوفية، مضيفا أن مُشكلة السدود حالياً، تقتصر على نقص الأموال المطلوبة لصيانتها، فضلاً عن الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي الذي يعوق عملية نقل المياه من أسفل إلى أعلى عبر المضخات الغاطسة كما يعوق عمل أجهزة قياس عمق المياه
وتحتاج بعض السدود إلى 10 ملايين دينار ليبي (ما يعادل 7.27 ملايين دولار) لإجراء عمليات الصيانة السنوية، لكن المخصصات المالية لا تتعدى نصف مليون دينار (364 ألف دولار) حسب المغربي، لكن المهدي المجبري كشف أن الموازنة المالية المخصصة لصيانة السدود، لم تصرف منذ خمس سنوات بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بعد أن بلغت ميزانية صيانة وتشغيل السدود 500 مليون دينار (ما يعادل 363 مليون دولار) بحسب آخر موازنة صرفتها الهيئة العامة للمياه في العام 2012 وفق إفادة المجبري (العربي الجديد )
إن الجهة التنفيذية هنا على لسان ممثلها تعي جيدا أن هناك حالة تسريب في سد درنة من سنوات، وقد تعللت أنها لم تتحصل على الأموال الكافية لترميمه، وهذا أحالنا بطبيعة الحال إلى البحث عن المسار الذي ذهبت فيه السلطة التنفيذية خلال السنوات الماضية في التعامل مع إشكالية السدود حيث وجدنا في تقرير ديوان المحاسبة الليبي لسنة 2020 / 2021 المنشور على الموقع الرسمي للديوان وتحديدا في نهاية الصفحة رقم (383) إلى نصف الصفحة رقم (384) النص التالي (ميزانية التحول - بلغ إجمالي المصروفات من ميزانية التحول للعام المالي الجاري عن الفترة من 1 / 1 / 2021 إلى 31 / 12 / 2021 كما ورد بالخلاصة الختامية لوزارة الموارد المائية 12, 199,202 دينار، بينما بلغ المسيل عن الفترة بمبلغ 459,420,000 دينار، ويلاحظ بشأنه الآتي -
1. ظهور رصيد أول المدة لحساب التحول مرحل من العام المالي 2020 بقيمة 53,568,986 ديناراً، في حين تم تسييل مبلغ للمشاريع الجديدة للعام الجاري 2021 بناء على طلب الوزارة
2. تقاعس الوزارة باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المشاريع المتوقفة، والتي لم تبدأ بالمخالفة لنص المادة (103) من لائحة العقود الإدارية
3. تقاعس الوزارة بادخاد الإجراءات لتجديد مدة الخطابات الثمانية أو المطالبة بقيمتها قبل انتهاء مدة الضمان بوقت كاف بالمخالفة لنص المادة (169) من لائحة الميزانية والحسابات والمخازن، حيث بلغ إجمالي الدفعات المقدمة كما ورد بكشف متابعة خطابات الضمان للعام المالي الجاري 2021 مبلغاً وقدره 25,339,939 ديناراً، بينما بلغ إجمالي المبالغ المخصصة من الدفعات المقدمة عن فترة الفحص والمراجعة مبلغ وقدره 9,665,988 ديناراً، أي بلغ رصيد الدفعات المقدمة (المتبقي) مبلغ 15,663,951 ديناراً )
إن وزارة الموارد المائية منذ فبراير 2021، والذي يرأسها السيد (طارق عبد السلام بوفليقة) ومن قبلها هيئة الموارد المائية برئاسة السيد (عبد الله السني) قد سنحت لها الفرصة في أن تحدث تغيير جذرياً في مسار الأحداث التي تعانيها درنة اليوم والشعب الليبي بأكمله، حيث من الواضح في تقرير ديوان المحاسبة أن التقاعس هي السمة التي لازمت هذه الجهة خلال 2020 / 2021) رغم وجود الأموال مرفقة بخطابات الضمان، بل وصل الفساد والإهمال إلى مرحلة عدم متابعة الإجراءات فقط، لتجديد الخطابات الضمانية، أو فسخ العقد مع الشركات والجهات المعنية بالمشاريع المبينة في الجدول المرفق في التقرير، والذي من بينها (صيانة وإعادة تأهيل سدي درنة وأبو منصور )
حاولنا التواصل مع أي مسؤول من الجهات المذكورة، لاستيضاح الأمر، إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل، حيث هناك (رهاب) بين المسؤول الليبي وبين حق الناس في الوصول إلى المعلومة!!
إن هذا الجهد البسيط ما هو إلا بداية فقط نوثق من خلالها ما حدث في الأيام الأولى من الكارثة، حيث مع تشكيل لجنة تحقيق من قبل النائب العام وجب تقديم كل ما نستطيع تقديمه لهذه اللجنة أو لغيرها، ونقول بصوت عال أن هناك مسؤولاً عن ما حدث، ونحن هنا لسنا في موقف الحكم أكثر من كوننا نطالب بتحديد المسؤولية على نحو دقيق، وأن هناك أكثر من عشرة آلاف روح أزهقت نتيجة عدم اتخاذ ما يلي -
-إن مدير مديرية أمن درنة ومسؤول كتيبة (166) الموجودة بدرنة، ومن بعدهم مسؤول (الوحدات العسكرية بالجيش الليبي) كان بإمكانهم اتخاذ إجراءات عاجلة لإخلاء الناس وتوفير أماكن لهم، ولو في المدارس داخل نطاق المدينة، الأمر الذي كان (قطعاً) سيساهم في تقليل الخسائر في الأرواح، ويجنب المدينة الكارثة.
-إن رئيس اللجنة التسييرية لبلدية درنة لم يقدم أي جهد ملموس وحقيقي في اتجاه إيجاد حل، ولو جزئياً لحالة سدي درنة خاصة وأن هناك مخصصات مالية كانت قد صرفت للمجلس البلدي تقدر 400 مليون دينار، كما لم تبذل جهدا واضحا في تصعيد إشكالية سدي درنة للرأي العام، ولم يكن هناك جهد في هذا السياق.
-إن السلطة التنفيذية عن طريق وزارة الموارد المائية مسؤولة مسؤولية مباشر على انهيار سدي درنة، حيث كان بإمكانها ترميم وإصلاح السد كمرحلة أولى لحماية المدينة، خاصة وأن الأموال كانت قد رٌصدت لها، ولغياب المتابعة، أهمل السد، ولم تنفذ الترميمات، وحدثت الكارثة…
لن ينتهي الأمر هنا، بل بدأ الآن ، ستبقى العديد من تفاصيل ما حدث لن يروى، لأن درنة وحدها تعلم ما حدث!!




