اجتماعي

زواج القاصرات في ليبيا بإذن قضائي ! !

 زواج القاصرات في ليبيا بإذن قضائي ! !

 زواج القاصرات في ليبيا بإذن قضائي ! !

 

من مدة نشرت منصة علاش نصاً عرضت من خلاله إحصائية دولية حول حالات الطلاق في العالم، حيث تربعت ليبيا في المرتبة الأولى في أفريقيا لأكثر دول فيها حالات طلاق، ووصلت النسبة 2.5 لكل ألف مواطن، وقد يعيز الكثير من الليبيين هذه النسبة لعدة عوامل، منها اقتصادي، ومنها ما حدث من قرار لحكومة عودة الحياة عندما زوجت الليبيين مقابل المال!، ومنها عدم جاهزية المتزوجين للدخول في علاقة تنتج أسرة مستقرة، ولنستلم هذه النقطة في مقالنا هذا بالتحليل.

حيث وفقا لقانون رقم 10 لسنة 1984 م بشأن الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق وآثارهما تنص المادة السادسة اشتراطات أهلية الزواج في ليبيا على النحو التالي.

- يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ.

- تكمل أهلية الزواج ببلوغ سن العشرين.

- للمحكمة أن تأذن بالزواج قبل بلوغ هذه السن لمصلحة أو ضرورة تقدرها بعد موافقة الولي.

- يكتسب من تزوج وفق الفقرتين السابقتين أهلية التقاضي في كل ما له علاقة بالزواج وآثاره.

إذا الأهلية طبقاً لقانون الأحوال الشخصية الليبي تكتمل بالعقل وبلوغ سن الرشد التي حددها القانون رقم 10 لسنة 1984، بعشرين سنة ،  أما قبلها فلا يستطيع الشخص أن يباشر عقد الزواج بنفسه إلا بإذن من المحكمة تصدره لمصلحة تراها ، أو ضرورة تقدرها، وذلك بعد موافقة الولي، والولي هذا لديه اشتراطات في القانون.

لكن الإشكالية الحقيقية هي في الأذن، وهو الاستثناء عن القاعدة العامة، وهي أن سن الزواج بالمفترض هي إكمال المرأة للعشرين سنة ،  إلا أن المؤتمر الوطني العام وهو السلطة الشرعية في ليبيا في سنة 2015 م أصدر القانون رقم 14 لسنة 2015 الذي بدوره أدخل تعديلات على شروط الزواج في القانون رقم 10 السابق الذكر كان أهمها تخفيض سن الأهلية للزواج إلى 18 سنة، طبعا مع الحفاظ على الأذن، بمعنى أن المرأة لو كانت أقل من 18 سنة تلجأ إلى أخذ الإذن من القاضي؟ طبعا عن طريق وليها.

ان ما نعرفه عن سن الزواج في الشريعة الإسلامية هي  ارتباطه بمسألة الإطاقة ، بمعنى ان تكون المرأة تُطيق الزواج جسديا ونفسيا واجتماعيا وعقليا، حيث تكون المرأة قادرة على تحمل مسؤولية أسرة وأشخاص آخرين، وجاهزة لتربية جيل، وهذه الإطاقة تختلف من عصر لعصر، وترتبط بالعادات والتقاليد ونمط الحياة والجينات المتوارثة وطبيعة الأكل وغيرها، لهذا لمّا أقر القانون ان سن الأهلية القانونية هي 18 سنة، لم تكن عبثية، بمعنى ان المرأة في هذا السن تكون مسؤولة عن تصرفاتها وسلوكياتها من تعاقد ، وسلوك مُجرم ،  وإدارة أسرة من المفترض.

بالتالي أين المنطق في الإبقاء عن الإذن القضائي في حالات الزواج؟

بمعنى أن القانون لطالما رأى في المرأة أنها بوصولها لسن 18 أصبحت جاهزة لتحمل مسؤولية تصرفاتها، بالتالي هي قادرة على تحمل مسؤولية عائلة، فكيف إذا يسمح لها بأن تُكون عائلة وهي أقل من هذه السن؟ ولا تقبل منها تصرفاتها الأخرى؟

وكيف لأم تبلغ من العمر 17 سنة أو 16 سنة أن تكون مسؤولة على تربية أبناء؟ وهي ليست مسؤولة على نفسها أصلاً؟

لا توجد إحصائيات رسمية توثق عدد زواج القاصرات في ليبيا، لأنه ببساطة القانون الليبي لا يرى أن هناك سناً معينة لا يجب للمرأة ان تتزوج فيها، حيث مجرد ان يطلب الولي من القاضي إذن لتزويج موكلته، سيوافق غالبا القاضي على ذلك، فالقاضي ليس طبيباً نفسياً، ولا دكتور نساء وولادة، ولا أخصائي اجتماعي ليعرف مدى مقدرة هذه (الطفلة) على تأسيس عائلة.

إلا أن كل المحاولات التي وثِقت من العديد من الجهات تقول إن هناك نسبة تعتبر كارثية، ومسكوت عنها ،  تُسجل باستمرار في ليبيا، ويقاس ذلك بعدد طلبات الإذن التي تُقدم للقضاء في المحاكم الجزئية، والتي للأسف لن تصل لمعلومة دقيقة لهذا العدد، وذلك لأننا في ليبيا نخاف من إتاحة المعلومات للبحث والدراسة ، أكثر من خوفنا على بناتنا.

إن أي أب أو أم تساهم أو يُساهم بأي شكل في تزويج أبنتهما التي لم تصل إلى السن القانونية هي بمثابة مجرمة أو مجرم وفقا لقانون الإنسانية، ووفقا لروح الشريعة الإسلامية التي حددت معياراً واضحا وهي الإطاقة، فلا أعتقد اليوم ان هناك بنت يتراوح عمرها بين 10 سنوات و 17 سنة تُطيق أعباء الزواج بكاملها، بالتالي ما يحدث اليوم في سياق القانون الليبي والممارسات الاجتماعية هي حقيقة تحايل على المقاصد الحقيقية لصورة الزواج التي أقرها الدين، وصدقتها الإنسانية.

لهذا كلما تسمع أحد يرفض مصطلح (زواج القاصرات في ليبيا) قل له هل تعرف المحاكم الجزئية وأذُوناتها؟