هل تنتظر طرابلس حربًا بلا موعد معلن ؟
يقول بعض رواة التاريخ إن الأمويين في دمشق استخدموا طارق بن زياد كقائد عسكري أمازيغي قوي لإتمام مشروعهم في فتح الأندلس سنة 711م، فأوكلوا إليه المهمة بعد أن مهّد موسى بن نصير الطريق ، طارق قاد جيشه وعبر البحر وحقق انتصارًا ساحقًا في معركة وادي لكة، مما فتح أبواب الأندلس للأمويين.
لكن بعد أن أتم مهمته وأصبح له نفوذ واسع بين الجند والأمازيغ، خشي الأمويون أن يتحول إلى زعيم مستقل، فتم استدعاؤه إلى دمشق بأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك، وهناك جُرّد من سلطته، وغُيّب عن المشهد السياسي والعسكري، ليموت في صمت دون أن يحظى بالمكانة التي استحقها.
يقال دائمًا إن الحُكم عقيم، كذلك هو؛ خاصة في بلدان دأبت على استعمال العنف لإحداث التغيير فيها، ولسنا في ليبيا استثناء عن هذه الحالة، فلا أتذكر أنني قرأت أن هناك مرحلة تاريخية من تاريخ هذه الأرض انتقلت فيها السلطة وثبّتت نفسها دون إراقة دماء، وهدم بيوت!
يعيش سكان العاصمة هذه الأيام حالة معقدة جدًا من القلق، حيث سؤال: متى تبدأ الحرب؟ يتصدر نقاش أي شخصين الآن في كل مكان داخل طرابلس، وإنه والله لانتظار الحرب أصعب من وقوعها ذهنيًا ونفسيًا.
وتكثر التحليلات والتوقعات، وقد كنا قد أفردنا مقالًا منذ عشرة أيام عن الخيارات المتاحة لحكومة عودة الحياة في حال قررت أن تستمر في الحكم ولا تخضع لخارطة تيته التي تسعى لتشكيل حكومة جديدة موحدة بشرعية دولية.
والآن سنتساءل عن أسباب تأخير الحرب حتى الآن، خاصة أن الحكومة يبدو أنها لم توافق على خارطة تيته، ومناوئوها وهم جهاز الردع وحلفاؤه يمنعونها من السيطرة على طرابلس وفرض حالة جديدة تمكنها من الدخول لتفاوض جديد، حيث يرى العديد من المتابعين أن ما يؤخرها هو عدم صلابة معسكرها من التشكيلات المسلحة المتحالفة معها.
حيث ستجد أن قوة الزوبي المتمثلة في اللواء (111) تفكر جيدًا قبل خوض غمار هذه الحرب، حيث خسارتها لها ولو بصمود الردع وعدم سقوطه فقط – فالأخير لا يريد أكثر من ذلك – سيهدد استمرار وجودها في طرابلس مستقبلًا، حيث هي ليست من التشكيلات المسلحة المحسوبة على سكان طرابلس ، ولا تملك حاضنة شعبية تلتف حولها، وحال لسانها يقول: (لطالما هناك حكومة جديدة فلماذا أتورط في حرب غير مضمونة يمكن أن تجردني من مكتسباتي وتطردني إلى ضواحي مصراتة). لهذا يرى الكثيرون أن الزوبي لم يحسم أمره بعد من الحرب حتى وهو وكيل وزارة الدفاع والوزير المكلّف، حيث استمرار وجوده عسكريًا مقدم على منصب مؤقت في عمر التشكيلات المسلحة.
أما لواء (444) وقائده الطائر محمود حمزة فيعتقد العديدون أنه في انتظار أوامر الحرب فقط، حيث يحاول – كما يصف أصحاب هذا الرأي – استخدام ما تبقى من حكومة عودة الحياة لتصفية حسابه مع قوة الردع، لأنه بكل ما حدث لو تم إسقاط حكومة الدبيبة، والذي سيُعتبر انتصارًا للردع، وسيصنع منها قوة عسكرية وسياسية ستخضع لها الحكومة القادمة ، حينها لن يكون لمحمود حمزة وجود رسمي في مناصب وصفات الدولة الليبية المزعومة ؟ ، ولو تم الحفاظ على لواء (444) كقوة عسكرية يمكن الاستفادة منها، إلا أن هناك من يرى أن محمود حمزة لن يُسمح له بالاستمرار في حال انتهت الحكومة دون حرب وخرجت من اللعبة.
أما قوة الأمن العام والقوة المشتركة مصراته فهما ملتصقتان بنيويًا بحكومة عودة الحياة، وإن انتهت بأي طريقة كانت فلن يُسمح لعبد الله الفراولة بالاستمرار هو وشقيقه الوزير في طرابلس، ولن يكون للمشتركة بقيادة بُغدادة إلا العودة لمعسكراتهم في مصراتة، لهذا هم مستعدون لخوض المعركة لإسقاط الردع بكامل جاهزيتهم النفسية والعسكرية، فإن لم تسقط الردع وتسيطر حكومة عودة الحياة على طرابلس فسيكون فيديو (خراشوا براشوا) القادم من الزنتان موجّهًا لبُغدادة في ضواحي مصراتة.
قوة الردع، التي يرى العديد من مؤيديها أنها في موقف جيد مُضخّمين في ذلك إمكانياتها على صد الهجوم إن حدث، لا تتمتع بحال أفضل، حيث اليوم هي محاصرة حقيقة من كل اتجاه، ولو قررت كل التشكيلات التي ذكرناها ومعها القوة المتمركزة في القربوللي شرقي العاصمة والقادمة من مصراتة مهاجمة القوة في معيتيقة، سيكون موقفها صعبًا، حتى مع التفاف الحاضنة الشعبية حولها، حيث حينها سيكون الزمن معها لكن الكل ضدها، وكما يقول المثل الليبي المعروف: (يعجبك في الزمان طوله)، ولا يملك أي طرف في حال اندلعت هذه الحرب التحكم في الزمن؟
أما سكان العاصمة، فمثلما يقول أحد الأصدقاء: (هم ينفجرون فقط لا يتظاهرون). وإلى حد الآن يتفرجون على ما يحدث في سباق مع الزمن والقلق والخوف، لم يصلوا إلى ساعة الانفجار، ولا إلى حالة الطمأنينة، لكنهم خائفون، والخوف هو أكثر شعور مع استمراره لدى الإنسان يوصله إلى الانفجار وإيقاف كل هذا العبث.
وحتى يحدث ذلك عزيزي القارئ أو لا يحدث، فأنت تعلم ماذا تفعل هذه الأيام، فقد اكتسبت خبرة مما حدث في السابق، أضف إلى ذلك فقط فكرة أنه لا توجد حرب في الكون ولا عبر التاريخ حدثت بموعد مسبق و معلن؟؟ ولا تكن أيضا مع الأمويين ولا مع طارق بن زياد !!