السياسي

تلبس (كاكي ) ! أنت مواطن درجة أولى. علاش؟

تلبس (كاكي ) ! أنت مواطن درجة أولى. علاش؟

تلبس (كاكي ) ! أنت مواطن درجة أولى. علاش؟

 

 

 

كلنا كنا شهود على المشهد الأتي ( صف من المواطنين امام إحدى الجهات الحكومية ، منتظمين بشكل نسبي ، يحاول كل شخص فيهم أن ينجز عمله بشكل أسرع ، إلا أن كل منهم في نفس الوقت لا يستطيع أن يتجاوز الصف خوفا من إعتراض البقية ، حتى يدخل إنسان يرتدي لباس من المفترض أن هذا اللباس يمتاز به عنهم ليعرفوه ، ومن ثم يلجأون إليه ليحميهم ، إلا أنه في حقيقة الأمر هذا اللباس هو بطاقة المواطنة الحقيقية ، حيث بعد ثواني سيجتاز هذا الصف وتنجز له خدمته الخاصة بسرعة ، ويخرج بنفس السرعة ليكمل باقي أعمال يومه .

إن صاحب هذا اللباس يا رعاك الله هو المواطن .  أما أنت فلن تصبح مواطن حتى تلبس < الكاكي  > )

 

 

شن قصة الكاكي ؟ !

 

خلال الستون عام الأخيرة عاش آبائنا وعشنا نحن من بعدهم على التعامل مع من يرتدي أزياء تمثل الجهات الرسمية التي تحتكر استخدام السلاح بتقديس ، حيث تجد من يعمل في الشرطة أو الجيش مُقدمين في كل شي ، لايقفل أمامهم باب ، ولاتعرقل لهم ورقة ، ولا يرفض لهم طلب ، ولا يتوقف أمامهم موعد إنتهاء العمل ، إنهم مُجابون دائما ، وعلى حق على الأغلب ، كسب رضاهم نعيم ، وشراء عداوتهم خسران ، ولن تجد لهم بعد الله رادع ، إلا من يعلوهم في اللباس درجة .

 

من الطبيعي أن تتحول الدولة القائمة على جهات تحتكر السلاح الى المشهد الذي سردناه مسبقا ، نملك في منطقتنا ترسانة من القوانين التي تنظم علاقة مؤسسات الدولة بالمواطن وتتحدث عن التساوي في الحقوق والواجبات ، إلا انه في أرض الواقع هذا غير متصور .

 

حيث يعتبر المواطن الذي يحمل رتبة في مؤسسة أمنية أو عسكرية أو مخابراتية ، هو المواطن الفعلي وانت لا تستوي معه في شيء حتى في ( طابور الخبزة ) ويستطيع بلباسه فقط ان يحول حياتك وحياة أسرتك إلي جحيم في ساعات .

 

هنالك ثلاث مؤسسات في دولنا كل من ينتسب لها يستطيع أن يستفيد من ترسانة القوانين التي نملكها ، بل ويطوع هذه القوانين له ، ( الشرطة والقضاء والجيش ) هذه الأجسام تحمي بعضها البعض وتعمل بشكل متناغم لتحافظ على إستمرار هذا النظام .

 

ان حالة التغيير التي مرت على منطقتنا مطلع العشر سنوات الماضية أوقفت عمل هذا النظام وجعلت لباقي أفراد المجتمع ( مواطنين درجة ثانية ) صوت ، وتجلى شعورهم بالظلم من هذه الأجسام في حالة الغضب التي إنصبت عليهم ، حيث يرونهم هم من يجب ان يتغير  وليس صور الكرتون المسمى ( حكام ) وهذا ما لمسناه لاحقا .

 

حيث نجد في ليبيا أن كل من ينتمي لتشكيل مسلح يسعى أن يبقي على حساب الشرطة والجيش ، ليس لكونهم يكرهونهم أو لا يريدون قيام الدولة ، بل في حقيقة الأمر هم فهموا النظام ، القائم على أن من يحتكر السلاح أولا أو يملكه بوفرة هو من يستطيع أن يعيش ( محترم ) في دولنا بل ويستطيع أن يعيش كإنسان تلبى كل إحتياجاته التي من المفترض أن تلبى بحكم كونه مواطن ،  ومن واجب موسسات الدولة التي إختارها هوأن تقوم بأعمالها الموكلة إليها .

 

إننا في حقيقة الأمر لانعاني من تغول التشكيلات المسلحة في ليبيا على حساب ( المؤسسات الشرطية والعسكرية ) لأنه لم تكن لدينا شرطة وجيش يخضعون للقانون مثلهم مثلنا ، ولباسهم فقط يمثل مهمتهم في المجتمع ولايختلف شيء عن لباس الدكتور والمعلم والميكانيكي ، حسب أن ألوانه تختلف !

 

بل ما وجدناه أن هذا اللباس هو بمثابة ( الرقم الوطني الحقيقي ) وما تقوم به التشكيلات المسلحة اليوم هو نفس ماكانت تقوم به الشرطة والجيش ( في حال كنا نمتلك جيش قديما ) يحتكرون السلاح ويستمدون منه مواطنتهم ، وما أنت وأنا إلا عبارة عن حالة شاء القدر أنها لم تمر عليهم ، فإختلاف ألوان اللباس لا يؤثر على عملية عمل النظام .

 

إن الحرية الحقيقية تكمن في التعامل بالتساوي أمام القانون الذي من المفترض أنه لا يفرق بين الناس على حسب أزيائهم ! وأن من سلمك السلاح هو الشعب لتحميه وليس لتمتاز عليه ، وإلا كان الأجدر أن نقدم الأطباء على الأقل يحاولون أن يحافظوا على حياتنا حقا ….

 

 

لهذا تذكر عزيزي صاحب ( اللباس الكاكي ) أننا نحاول أن نتجاوزك في كل مكان يفرض علينا القدر ان نلتقي فيه بك ، ليس خوف ، بل صبراً ، نعتقد أنه سيكفينا حتى نصل إلي يوم تتساوى فيه الناس على أساس سلوكهم وليس أزيائهم ، فحتى نصل إلى ذلك اليوم ، إستمتع بلبس ( الكاكي ) !!